أكبر 10 دول في أمريكا الجنوبية حسب عدد المسلمين
تُعتبر أمريكا الجنوبية من القارات التي تتميز بتنوع ثقافي وديني كبير، بالرغم من أن الإسلام ليس الدين السائد فيها كما هو الحال في مناطق أخرى مثل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. إلا أن الجاليات المسلمة في هذه القارة نمت وتطورت عبر سنوات طويلة من الهجرة والتبادل الثقافي والتجاري. في هذا المقال، سنستعرض أكبر 10 دول في أمريكا الجنوبية من حيث عدد المسلمين، مع التركيز على الجوانب التاريخية والديموغرافية والاجتماعية التي ساهمت في نمو هذه الجاليات، إلى جانب تأثيرها في المجتمع المحلي.
السياق التاريخي والحضاري للإسلام في أمريكا الجنوبية
قبل الخوض في تفاصيل الدول العشر، من الضروري الإشارة إلى أن دخول الإسلام إلى أمريكا الجنوبية كان مرتبطًا بموجات الهجرة من الشرق الأوسط وأجزاء أخرى من العالم، بدءًا من أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. قدم المهاجرون من سوريا ولبنان وفلسطين وأجزاء من تركيا إلى البرازيل والأرجنتين وغيرها من الدول، حامليين معهم ديانتهم وعاداتهم وتقاليدهم.
مع مرور الوقت، تكيفت هذه الجاليات مع المجتمعات الجديدة، وأسهمت في إثراء النسيج الثقافي والديني. كما أن النشاط الدعوي والتعليمي ساعد في تعزيز الوعي بالإسلام بين السكان المحليين، ما أدى إلى زيادة عدد المسلمين الأصليين إلى جانب المهاجرين.
1. البرازيل: أكبر دولة إسلامية في أمريكا الجنوبية
تُعد البرازيل أكبر دولة من حيث عدد المسلمين في أمريكا الجنوبية، مع تقديرات تشير إلى وجود ما بين 1.5 إلى 2 مليون مسلم. يتركز المسلمون بشكل رئيسي في المدن الكبرى مثل ساو باولو وريو دي جانيرو وبورتو أليغري.
تاريخياً، هاجر إلى البرازيل عدد كبير من العرب، خصوصًا من سوريا ولبنان، خلال القرن العشرين، ونشطوا في مجالات التجارة والصناعة. بالإضافة إلى ذلك، شهدت البرازيل مؤخراً ارتفاعًا في عدد المسلمين الذين اعتنقوا الإسلام من السكان المحليين، خاصة في الأوساط الشابة.
تتسم الجالية المسلمة في البرازيل بالتنوع العرقي واللغوي، حيث تتواجد مجموعات من أصول عربية، بوسنية، أفغانية، إضافة إلى السكان المحليين الذين تحولوا إلى الإسلام. كما تضم البرازيل عددًا من المساجد والمراكز الإسلامية التي تقدم خدمات تعليمية وثقافية واجتماعية.
2. الأرجنتين
تحتل الأرجنتين المركز الثاني من حيث عدد المسلمين في أمريكا الجنوبية، حيث يقدر عددهم بحوالي 600,000 مسلم. الجالية المسلمة هناك متواجدة في المدن الكبرى مثل بوينس آيرس وكوردوبا.
يرجع تاريخ وجود المسلمين في الأرجنتين إلى موجات الهجرة من الشرق الأوسط، خاصة من لبنان وسوريا، خلال أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. إضافة إلى المهاجرين، هناك العديد من الأرجنتينيين الذين اعتنقوا الإسلام نتيجة للاهتمام المتزايد بالدين الإسلامي في البلاد.
تتميز الجالية المسلمة في الأرجنتين بتنظيمها الجيد وتواجدها في مختلف المجالات، بما في ذلك التعليم والتجارة. توجد العديد من المساجد والمراكز الإسلامية التي تقدم أنشطة تعليمية وثقافية واجتماعية.
3. كولومبيا
تضم كولومبيا جالية مسلمة تُقدّر بعدد يتراوح بين 100,000 و150,000 مسلم، تتركز بشكل رئيسي في المدن الكبرى مثل بوغوتا وكالي.
تعود بداية وجود المسلمين في كولومبيا إلى موجات الهجرة العربية في أوائل القرن العشرين. بالإضافة إلى ذلك، هناك زيادة ملحوظة في عدد المسلمين الذين اعتنقوا الإسلام من السكان المحليين، خاصة بين الشباب.
الجالية المسلمة في كولومبيا نشطة في نشر الثقافة الإسلامية وتنظيم الفعاليات الدينية، كما تلعب دورًا مهمًا في تعزيز التعايش السلمي بين مختلف الطوائف الدينية.
4. بيرو
في بيرو، يبلغ عدد المسلمين حوالي 80,000 إلى 100,000 مسلم، مع تركز الجالية في ليما وبعض المدن الأخرى.
تاريخياً، استقبلت بيرو مهاجرين من الشرق الأوسط الذين ساهموا في تأسيس المجتمع الإسلامي هناك. كما شهدت بيرو تحسناً ملحوظاً في الوعي بالإسلام وانتشاره بين السكان المحليين.
العديد من المساجد والمراكز الإسلامية توفر التعليم الديني والخدمات الاجتماعية، مما يعزز دور المسلمين في الحياة الثقافية والاجتماعية في البلاد.
5. تشيلي
تقدر الجالية المسلمة في تشيلي بعدد 70,000 إلى 90,000 مسلم، ويتواجدون بشكل رئيسي في العاصمة سانتياغو وبعض المدن الكبرى.
مهاجرون من الشرق الأوسط، خاصة من لبنان وسوريا، شكلوا النواة الأولى للجالية المسلمة في تشيلي. كما ساهمت الجاليات الإسلامية في النشاط التجاري والثقافي في البلاد.
المسلمون في تشيلي ينشطون في تعزيز الحوار بين الأديان، مع وجود عدد من المساجد والمراكز التي تقدم برامج تعليمية وثقافية متنوعة.
6. الإكوادور
يقدر عدد المسلمين في الإكوادور بين 30,000 إلى 50,000 مسلم، مركزين في العاصمة كيتو وبعض المناطق الحضرية الأخرى.
الهجرة العربية لعبت دوراً في تأسيس الجالية الإسلامية، كما أن انتشار الإسلام بين السكان الأصليين يشهد نمواً مستمراً.
المراكز الإسلامية والمساجد في الإكوادور تلعب دورًا بارزًا في تقديم التوعية الدينية والثقافية، وكذلك تنظيم الفعاليات الاجتماعية.
7. فنزويلا
تتراوح أعداد المسلمين في فنزويلا بين 20,000 إلى 40,000 مسلم، مع تركزهم في العاصمة كاراكاس وبعض المدن الأخرى.
الجالية المسلمة في فنزويلا تأثرت بالهجرة من الشرق الأوسط وأفريقيا، وتميزت بنشاطها في التجارة والصناعات الخفيفة.
المساجد والمؤسسات الإسلامية تسعى لتعزيز التواصل مع باقي مكونات المجتمع الفنزويلي من خلال برامج تعليمية واجتماعية متعددة.
8. بوليفيا
يقدر عدد المسلمين في بوليفيا بنحو 15,000 إلى 25,000 مسلم، معظمهم يعيشون في العاصمة لاباز والمدن الكبرى الأخرى.
على الرغم من أن الإسلام ليس دين الأغلبية، إلا أن وجود الجالية المسلمة هناك ساهم في نشر الوعي الديني والثقافي.
المسلمون في بوليفيا منظمون في مؤسسات دينية واجتماعية تدعم نشر القيم الإسلامية والتعايش مع باقي المجموعات الدينية.
9. باراغواي
يبلغ عدد المسلمين في باراغواي حوالي 10,000 إلى 15,000 مسلم، مع تركزهم في العاصمة أسونسيون وبعض المناطق الحضرية.
تاريخ الهجرة إلى باراغواي من الشرق الأوسط كان أحد العوامل الرئيسية لوجود الجالية الإسلامية، والتي شاركت في التجارة والصناعات المحلية.
المسلمون هناك ينشطون في إقامة المناسبات الدينية والتعليمية، ويساهمون في بناء جسور التفاهم بين مختلف الطوائف.
10. أوروجواي
يُقدّر عدد المسلمين في أوروجواي بين 5,000 إلى 10,000 مسلم، مركزين في مونتفيديو والمدن الكبرى الأخرى.
تعد الجالية المسلمة في أوروجواي من الجاليات الصغيرة نسبيًا، لكنها نشطة في مجال الدعوة والتعليم الإسلامي.
تتوفر في أوروجواي بعض المساجد والمراكز التي تخدم المسلمين المقيمين والمهتمين بالإسلام، مع التركيز على دعم الهوية الإسلامية في بيئة متعددة الثقافات.
جدول يوضح تقديرات عدد المسلمين في أكبر 10 دول بأمريكا الجنوبية
| الترتيب | الدولة | عدد المسلمين (تقديري) | المدن الرئيسية |
|---|---|---|---|
| 1 | البرازيل | 1,500,000 – 2,000,000 | ساو باولو، ريو دي جانيرو |
| 2 | الأرجنتين | 600,000 | بوينس آيرس، كوردوبا |
| 3 | كولومبيا | 100,000 – 150,000 | بوغوتا، كالي |
| 4 | بيرو | 80,000 – 100,000 | ليما |
| 5 | تشيلي | 70,000 – 90,000 | سانتياغو |
| 6 | الإكوادور | 30,000 – 50,000 | كيتو |
| 7 | فنزويلا | 20,000 – 40,000 | كاراكاس |
| 8 | بوليفيا | 15,000 – 25,000 | لاباز |
| 9 | باراغواي | 10,000 – 15,000 | أسونسيون |
| 10 | أوروجواي | 5,000 – 10,000 | مونتفيديو |
التأثير الثقافي والاجتماعي للجاليات المسلمة في أمريكا الجنوبية
تتميز الجاليات المسلمة في أمريكا الجنوبية بتنوع كبير في الخلفيات الثقافية واللغوية، مما ساعد على خلق بيئة غنية ومتعددة الأوجه. استطاع المسلمون الحفاظ على تراثهم الديني والثقافي، مع الانفتاح على المجتمعات المحلية، مما أسهم في تعزيز التعايش والتفاهم بين مختلف المكونات.
في العديد من الدول، أصبحت المساجد والمراكز الإسلامية ليست فقط أماكن للعبادة، بل مراكز تعليمية وثقافية تُقدم خدمات متنوعة تشمل تعليم اللغة العربية، والقرآن الكريم، وبرامج التوعية الصحية والاجتماعية. كما تلعب دورًا مهمًا في مساعدة المسلمين الجدد، وتوفير الدعم للمهاجرين الجدد، والتواصل مع المجتمع الأكبر.
يُضاف إلى ذلك أن الإسلام بدأ يشهد انتشارًا تدريجيًا بين السكان الأصليين في بعض الدول، نتيجة للاهتمام المتزايد بالقيم الروحية والثقافية التي يحملها الدين الإسلامي، ما يدل على أن الجالية المسلمة ليست مجرد جالية مغلقة، بل جزء متكامل من المجتمع المحلي.
الخاتمة
تشكل الجاليات المسلمة في أمريكا الجنوبية حالة فريدة من التنوع والتفاعل الحضاري، حيث استطاع المسلمون على مر العقود بناء مجتمعات نشطة ومؤثرة بالرغم من كونهم أقلية دينية. من البرازيل التي تضم أكبر عدد من المسلمين، مرورًا بالأرجنتين وكولومبيا، وصولًا إلى الدول الأصغر مثل باراغواي وأوروجواي، يظهر الإسلام كدين متجذر في النسيج الاجتماعي والثقافي للمنطقة.
هذا النمو والتوسع المستمر يعكس ديناميكية العلاقات الإنسانية في القارة، ويؤكد أن التعددية الدينية والثقافية في أمريكا الجنوبية تساهم في تعزيز التفاهم والتعايش السلمي، كما تؤكد أن الإسلام في هذه القارة ليس مجرد حضور رمزي، بل واقع حيوي يسهم في تشكيل المستقبل الثقافي والاجتماعي للمنطقة.
المصادر والمراجع
-
Pew Research Center, “Muslims in the Americas: Population and Distribution,” 2017.
-
International Institute for Muslim Minority Affairs (IIMMA), “Islamic Communities in Latin America,” 2018.
